المنتدي الإخباري الإسلامي
اهلا بك زائرا وقارئا وناقدا نشطا دون اسفاف وعضوا نشطا ايضا ونرحب بزياراتكم ومقترحاتكم واستفساراتكم
المنتدي الإخباري الإسلامي
اهلا بك زائرا وقارئا وناقدا نشطا دون اسفاف وعضوا نشطا ايضا ونرحب بزياراتكم ومقترحاتكم واستفساراتكم
المنتدي الإخباري الإسلامي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المنتدي الإخباري الإسلامي

منتدي يهتم بالعلوم الدينية الاسلامية والاخبار الاسلامية والعامة وكافة الشئون الاسلامية
 
موضوعالرئيسيةالبوابةصورة علي عبدالله عليأحدث الصوردخولالتسجيل
المنتدي الاخباري الاسلامي - https://ali195abdalla.yoo7.com -المنتدي الاخباري الاسلامي - https://ali195abdalla.yoo7.com - المنتدي الاخباري الاسلامي - https://ali195abdalla.yoo7.com - المنتدي الاخباري الاسلامي - https://ali195abdalla.yoo7.com -
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
» لن تصدق.. الشيخ حازم أبو إسماعيل تنبأ بأحداث 3 يوليو تماما كما وقعت !!
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالسبت يناير 18, 2014 7:21 pm من طرف Admin

»  السيسي استخدم أسلحة محرمة دولياً وحفر مقابر جماعية لاخفاء جثث رابعة
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالسبت يناير 18, 2014 7:11 pm من طرف Admin

» البنتاجون يستدعى ثلاثه من قادة المجلس العسكرى بعد استشعار الحرج من فشل.
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالسبت يناير 18, 2014 4:05 am من طرف Admin

» أحرار تعلن عودتها للتمهيد لثورة 25 يناير
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالسبت يناير 18, 2014 4:03 am من طرف Admin

» الشعب يقرر التحفظ على أموال مبارك و4600 من وزرائه ومحافظيه وقيادات الحزب الوطنى بالمحافظات
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالأربعاء يناير 15, 2014 8:10 pm من طرف Admin

» غاز "حلم العمر" صفقة حسين سالم للصهاينة مع مصر
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالأربعاء يناير 15, 2014 4:17 pm من طرف Admin

» ليد شرابى يفضح قضاة العسكر.. خالد محجوب رسب فى 5 مواد بينها الشريعة الإسلامية.. وأحمد إدريس تستر على نهب 26 ألف فدان
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالأربعاء يناير 15, 2014 3:46 pm من طرف Admin

» مهندس أمريكي متهم بتزويد إيران وثائق عسكرية
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 14, 2014 12:22 am من طرف Admin

» في ذكرى مرور 5 أشهر على وقوع مجزرتي فض رابعة العدوية والنهضة
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 14, 2014 12:18 am من طرف Admin

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



لن تصدق.. الشيخ حازم أبو إسماعيل تنبأ بأحداث 3 يوليو تماما كما وقعت !!
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالسبت يناير 18, 2014 7:21 pm من طرف Admin


تعاليق: 0
السيسي استخدم أسلحة محرمة دولياً وحفر مقابر جماعية لاخفاء جثث رابعة
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالسبت يناير 18, 2014 7:11 pm من طرف Admin




 

السبت 18 يناير 2014
كشف موقع «ميدل إيست مونيتور» البريطاني عن مفاجأة في تقريره الأخير عن أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة ، مفادها أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي لم يفارق غرفة العمليات المركزية الا بعد الثانية …


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
البنتاجون يستدعى ثلاثه من قادة المجلس العسكرى بعد استشعار الحرج من فشل.
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالسبت يناير 18, 2014 4:05 am من طرف Admin
الجمعة 17 يناير 2014
أكد مايكل شويــر الخبير الأمنى ورئيس وحده بن لادن في جهاز CIA سابقاً .. استدعى البنتاجون اليوم ثلاثة من قادة المجلس العسكرى بالاسم للتشاور فيما بينهم بعد فشل الاستفتاء واستشعار امريكا الحرج من نتائجه …


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
أحرار تعلن عودتها للتمهيد لثورة 25 يناير
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالسبت يناير 18, 2014 4:03 am من طرف Admin







2014-01-17 15:11:48



جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) 000_12075
[rtl]أعلنت حركة أحرار نزولها واحتشادها بميدان طلعت حرب، يوم الأربعاء القادم 22 …
[/img(500px,298px):6b4e]

[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
الشعب يقرر التحفظ على أموال مبارك و4600 من وزرائه ومحافظيه وقيادات الحزب الوطنى بالمحافظات
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالأربعاء يناير 15, 2014 8:10 pm من طرف Admin
الإنذار الأخير


الشعب يقرر التحفظ على أموال مبارك و4600 من وزرائه ومحافظيه وقيادات الحزب الوطنى بالمحافظات
 
الأربعاء, 15 يناير 2014 - 04:18 pm
عدد الزيارات: 5216 | [rtl]جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) PrintButton طباعة[/rtl]









[url=http://elshaab.org/articles_images/15_01_2014_1163400944_789902.jpg][rtl][img(380px,321px):fc64]…[/img(380px,321px):fc64]


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
غاز "حلم العمر" صفقة حسين سالم للصهاينة مع مصر
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالأربعاء يناير 15, 2014 4:17 pm من طرف Admin


[rtl]غاز "حلم العمر" صفقة حسين سالم للصهاينة مع مصر[/rtl]
 
الأربعاء, 15 يناير 2014 - 03:44 pm
عدد الزيارات: 827 | [rtl]جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) PrintButton طباعة[/rtl]










[color][font]
كتبت: [url=http://elshaab.org/search.php?q=%D9%81%D8%A7%D8%B7%D9%85%D8%A9 %d9%8a%d9%88%d8%b3%d9%81&term=author][rtl]فاطمة يوسف[/rtl][/url]
 و …[/img(380px,268px):e653]


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
ليد شرابى يفضح قضاة العسكر.. خالد محجوب رسب فى 5 مواد بينها الشريعة الإسلامية.. وأحمد إدريس تستر على نهب 26 ألف فدان
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالأربعاء يناير 15, 2014 3:46 pm من طرف Admin
ليد شرابى يفضح قضاة العسكر.. خالد محجوب رسب فى 5 مواد بينها الشريعة الإسلامية.. وأحمد إدريس تستر على نهب 26 ألف فدان
 
الثلاثاء, 14 يناير 2014 - 07:49 pm
عدد الزيارات: 2262 | [rtl]جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) PrintButton طباعة[/rtl]









[url=http://elshaab.org/articles_images/14_01_2014_1180612133_395389.jpg][rtl][img(380px,297px):8098]…[/img(380px,297px):8098]


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
مهندس أمريكي متهم بتزويد إيران وثائق عسكرية
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 14, 2014 12:22 am من طرف Admin
مهندس أمريكي متهم بتزويد إيران وثائق عسكرية


رصد : وكالات


13/01/2014 
23:14



قسم: عربي ودولي


روابط متعلقة
متهم , أمريكي ,مهندس , عسكرية ,وثائق 


جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) Crop,488x320,mixmedia-01132314Zu2D8
الجيش الأمريكي- أرشيفية-


إتهمت السلطات …
[/img(488px,320px):ce49]

[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
في ذكرى مرور 5 أشهر على وقوع مجزرتي فض رابعة العدوية والنهضة
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 14, 2014 12:18 am من طرف Admin
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) Videoicon
في ذكرى مرور 5 أشهر على وقوع مجزرتي فض رابعة العدوية والنهضة








 


 


[ قراءة كاملة ]
تعاليق: 0
تصويت
التمسك بطاعة الله
لا يشغلك التصفح علي النت من ان تقول دائما لا إله إلا الله محمد رسول الله ولا حول ولا قوة إلا باللله رضينا بالله ربلا وبالاسلام دينا وبسيدنا محمد صلي الله عليه وسلمنبيا ورسولا وان تردد دائماسبحـــان اللــــــــــه والحمـــــــد للـــه ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله واللـــه اكبر×

 

 جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري ( 2 )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 739
نقاط حصرية : 2198
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 02/01/2012
الموقع : المنتدي الإخباري الإسلامي

جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) Empty
مُساهمةموضوع: جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري ( 2 )   جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري  ( 2 ) I_icon_minitimeالجمعة يناير 06, 2012 3:04 pm

جبن روح
وكان روح مفرطاً في الجبن، فلما ولى عبد الملك أخاه بشراً على الكوفة أصحبه روحاً، وقال له: يا بني، روح مثل عمك فلا تقطع أمراً دونه لصدقه وعفافه وصحبته لنا أهل البيت. وقال لروح: اخرج مع ابن أخيك. فخرج معه وكان بشر ظريفاً أديباً، يحب الشعر والسمر والسماع والشرب؛ فراقب روحاً، وقال لأصحابه: أخاف أن يكتب بأخبارنا إلى أمير المؤمنين، فضمن له بعض ندمائه أن يكفيه أمره من غير سخط ولا لائمة، وكان روح غيوراً إذا خرج من منزله أغلقه ثم ختمه بخاتمه حتى يعود فيفضه بيده، فأخذ الفتى دواة وقلماً، وأتى ممسياً فقعد بالقرب من دار روح مستخفياً، وخرج روح إلى الصلاة، فتوصل الفتى حتى دخل الدهليز وكمن تحت درجة فيه وكتب في الحائط:
يا روح من لـبـنـيّات وأرمـلة إذا نعاك لأهل المشرق النـاعـي
إن ابن مروان قد حانت مـنـيّتـه فاحتل لنفسك يا روح بن زنبـاع
فلا تغرنّـك أبـكـار مـنـعّـمة فاسمع هديت مقال الناصح الداعي
ثم رجع إلى مكانه من الدهليز، فلما خرج روح من الغلس، وتبعه غلمانه خرج الفتى في جملتهم متنكراً وخلص.
فلما أسفر الصبح دخل روح فتأمل الكتابة فراعه وقال: ما كتب هذا إنسي، وما يدخل هذه الدار سواي، ولا حظ في المقام بالعراق؛ ثم نهض من ساعته ودخل على بشر وقال: يابن أخي، أوصني بما أحببت من حاجة أو سبب عند أمير المؤمنين. فقال له: هل رأيت منا ما تكره؛ أو أنكرت شيئاً من سيرتنا فلم يسعك المقام ? فقال: لا والله، جزاك الله عن نفسك وعن سلطانك خيراً، ولكن حدث أمر لا بد لي من الشخوص فيه. فأقسم عليه ليخبرنه بالخبر. فقال: إن أمير المؤمنين قد مات أو هو ميت. فقال بشر: ومن أين علمت ذلك ? فأخبره بخبر الكتابة، وقال: ليس يدخل داري أحد غيري، وما كتبه إلا الملائكة أو الجن. فقال بشر: أقم فإني لأرجو ألا يكون لهذا حقيقة. فأبى.
وقدم على عبد الملك فقال له: ما أقدمك ? أنكرت شيئاً من حال بشر ? قال: لا والله، وذكر حسن سيرته، وقال: إنما جئت في أمر لا يمكنني ذكره إلا خالياً. فقال عبد الملك: إن شئتم، وخلا بروح فأخبره القصة، وأنشد الأبيات؛ فضحك عبد الملك حتى فحص برجليه، وقال: ثقلت والله على بشر؛ فاحتال عليك ليخلوا له أمره.
من مزح الجادين
قال إسحاق: حدثني رجل من قريش قال: قال لي محمد بن خالد القرشي: ذكرت لي جارية عند أبي فلان القاضي، فامض بنا إليه. قال: فصرنا إليه واستأذنا فإذا هو يصلي؛ فلما فرغ من صلاته قال: لأمر ما جئتم ? قلت: فلانة. قال لغلامه: يا غلام، علي بفلانة لتخرج، فخرجت علينا جارية كأنها مها تتثنى في مشيتها؛ فلما قعدت وضع عود في حجرها، فجسته واندفعت تغني:
عوجي عليّ وسلّمي جبر كيف الوقوف وأنتم سفر
ما نلتقي إلا ثلاث منـى حتى يفرّق بيننا النّفـر
فقام القاضي على أربعة، قال: انحروني فإني بدنة، أهدوني فإني بدنة، والله لا أبيعها بمال يكال، ولا بمال يوزن، ولا بالخلافة، ولا بالدنيا، انصرفوا.
وأتى إسحاق بن إبراهيم الموصلي باب الفضل بن يحيى فحجبه خادم اسمه نافذ مرات؛ فلقيه الفضل فقال: ما لك لا تأتينا يا إسحاق ? فقال: أتيت أعز الله الأمير فحجبني نافذ. قال: ف ...، قال: لا يمكنني، فأتى بعد ذلك فحجبه فكتب إلى الفضل:
جعلت فداءك من كل سوءٍ إلى حسن رأيك أشكو أناسا
يحولون بيني وبين السـلام فلست أسلّم إلا اختـلاسـا
وأنفذت أمرك في نـافـذٍ فما زاده ذاك إلاّ شماسـا
فلقيه بعد ذلك فقال: يا إسحاق، أكان ما ذكرت ? فقال: بعض ذلك أصلح الله الأمير، فضحك وتقدم ألا يحجبه أحد إن أراد الدخول، وإنما كان الفضل استثقل إسحاق لبأو كان فيه، وكان الفضل أكبر الناس كبراً، وأعظمهم تعاظماً. وقال بعض الشعراء:
وما على المرء ما لم يأت فاحشةً في لذة العيش لا عارٌ ولا حرج
يأيها اللائمي فيما لـهـوت بـه عرّج بلومك إني عنه منعـرج
بعض من كرهوا المزاح
فإن كره قوم المزاح فلقول أكثم بن صيفي: المزاح يزيح بهجة الأشراف.
وقال أبو سليمان الداراني: أنا أكره المزاح لأنه مزاح عن الحق.
وقال الحسن البصري: المزاح اختراع من الهواء.
وقال زياد: من كثر مزاحه قل إلى النباهة ارتياحه.
وقال عمر بن عبد العزيز: إياك والمزاح فإنه يجر القبيحة، ويورث الضغينة.
وقال الأحنف: لن يسود مزاح، ولن يعظم مفاكه.
وقال سعيد بن العاص لابنه: لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا الدنيء فيجترىء عليك.
وقال أبو نواس:
صار جدّاً ما مزحت به رب جدّ ساقه اللعـب
متى يكون المزاح مكروهاً
وقال ابن المعتز: من كثر مزاحه لم يخل من استخفاف به، أو حقد عليه. فإنما ذلك إذا كان المزاح غالباً على المرء، وكان المرء فيه غالباً يجريه في كل مكان ومع كل إنسان. وقد قال عمر رضي الله عنه للأحنف: من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر مزاحه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل ورعه، وذهب حياؤه، ومن ذهب حياؤه مات قلبه.
أو ينزله الممازح تعريضاً بالمعايب، وتنبيهاً على المثالب؛ فذلك المكروه الذميم وصاحبه الملوم.
وقد قال خالد بن صفوان: يسعط أحدكم أخاه بمثل الخردل، ويقرعه بمثل الجندل، ويفرغ عليه بمثل المرجل، ويقول: إنما كنت أمزح.
وقال محمود الوراق:
تلقى الفتى يلقى أخاه وخـدنـه في لحن منطقه بما لا يذكـر
ويقول كنت ممازحاً ومداعـبـاً هيهات نارك في الحشا تتسعّر
أوما علمت وكان جهلك غالبـاً أنّ المزاح هو السباب الأصغر
وقال ابن الرومي:
حبذا حشـمة الـصـديق إذا مـا حجزت بينه وبـين الـعـقـوق
حين لا حـبّـا انـبـسـاطٌ يؤدي ه إلى ترك واجبات الـحـقـوق
أين منجاتـنـا إذا مـا لـقـينـا من مسيغ الشجا شجىً في الحلوق
من حسنوا المزاح
وإلا فقد قالوا: لا بأس في المزاح بغير ريبة.
وكان يقال: المزاح من أخلاق ذوي الدماثة.
روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من كانت فيه دعاة فقد برىء من الكبر. وقد قيل: الممازح يقرب من ذي الحاجة إليه، ويمكن من الدالة عليه. وما زال الأشراف يمزحون ويسمحون بما لم يغض من دياناتهم، ولا يقدح من مروءاتهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: بعثت بالحنيفية السمحة. وقال عليه الصلاة والسلام: إني لأمزح ولا أقول إلا حقاً.
من مزاح النبي صلى الله عليه وسلم
فمن مزاحه صلى الله عليه وسلم ما روى أنس بن مالك قال: كان لنا أخ يكنى أبا عمير. وكان له نغر يلعب به. فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه حزيناً فقال: مال له ? قالوا: مات نغره، فكان إذا رآه بعد ذلك قال: يا أبا عمير ما فعل النغير ? وكان رجل من أشجع يقال له زاهر بن حرام لا يزال يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بالهدية من البادية والطرفة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن زاهراً باديتنا ونحن حاضروه. فبينما هو في بعض أسواق المدينة إذ أتاه النبي صلى الله عليه وسلم من ورائه فاحتضنه وقال: من يشتري مني هذا العبد ? فالتفت الرجل فإذا هو برسول الله صلى الله عليه وسلم. فقبل يده وقال: تجدني كاسداً يا رسول الله. فقال: لا، لكنك عند الله ربيح.
وأتت إليه صلى الله عليه وسلم امرأة فذكرت زوجها بشيء. فقال: زوجك الذي في عينه بياض. قال: فمضت فجعلت تتأمل زوجها فقال: ما لك ? قالت: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: إن في عينك بياضاً. فقال: بياض عيني أكثر من سوادها.
سماع النبي صلى الله عليه وسلم للمزاح
وأما سماعه صلى الله عليه وسلم لذلك فقد روي: أن صهيباً دخل عليه وعينه وجعة وبين يديه تمر، فأقبل صهيب يأكل؛ فقال: أتأكل التمر وعينك وجعة ? فقال: إنما آكل بحذاء العين الصحيحة، فتبسم صلى الله عليه وسلم.
وذكروا أن أعرابياً أتاه فألفاه مغموماً ممتقع اللون؛ فقيل له: لا تكلمه وهو على هذه الحالة، فقال: لا أدعه أو يضحك. ثم جثا بين يديه فقال: يا رسول الله؛ بأبي أنت وأمي ! إن الدجال يخرج وقد هلك الناس جوعاً فيأتيهم بالثريد، فترى أن آكل من ثريده حتى إذا تضلعت كذبته ? فضحك صلى الله عليه وسلم وقال: يغنيك الله بما يغني به المؤمنين حينئذ.
وقالت أم سلمة: خرج أبو بكر رضي الله عنه في تجارة إلى البصرة، قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه سويبط بن حرملة وكان قد شهد بدراً ونعيمان، وكان سويبط على الزاد، وكان نعيمان مزاحاً، فقال له نعيمان: أطعمني، فقال: حتى يجيء أبو بكر، فقال: أما لأغيظنك، فمروا بقوم فقال نعيمان: أتشترون مني عبداً ? فقالوا: نعم ! فقال: إنه عبد له كلام وهو قائل لكم: إنه حر، فإذا قال هذه المقالة تركتموه فلا تفسدوا علي عبدي. فقالوا: بل نشتريه. قال: فاشتروه مني بعشر قلائص، ثم أخذوه فوضعوا في عنقه حبلاً، فقال سويبط: إني حر ولست بعبد وهذا يستهزىء بكم. فقالوا له: قد خبرنا خبرك، فانطلقوا به، فجاء أبو بكر فأخبروه الخبر، فاتبع القوم فرد عليهم القلائص وأخذ منهم سويبطاً. ولما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه الخبر، ضحك صلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله.
وكان سويبط قد كف بصره بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيه نعيمان في المسجد وهو يقول: من يخرجني حتى أبول ? قال: أنا، وأخذ بيده فمضى به إلى زاوية في المسجد عامرة بالناس، فقال له: بل ههنا، فلما كشف ثوبه صاح الناس عليه من كل ناحية. فقال: من غرني ? قالوا: نعيمان، فقال: لله علي لئن لقيته لأضربنه بعصاي؛ فلقيه بعد أيام فقال: أتحب أن أدلك على نعيمان لتوفي نذرك ? قال: نعم، لله أبوك ! فأخذ بيده حتى أتى عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يصلي فقال: هذا هو. فرفع عصاه وضربه؛ فصاح به الناس وقالوا: أوجعت أمير المؤمنين، فقال: من قادني ? قالوا: نعيمان، قال: لا يغرني بعدها.
وابتاع عبد الله بن رواحة جاريةً وكتم ذلك امرأته؛ فبلغا ذلك فالتمست كونه عندها فأخبرت بذلك؛ فلما جاءها قالت له: بلغني أنك ابتعت جاريةً وأنك الساعة خرجت من عندها، وما أحسبك إلا جنباً ? قال: ما فعلت، قالت: فاقرأ آيات من القرآن فقال:
شهدت بأنّ وعد اللّـه حـقٌ وأن النار مثوى الكافرينـا
وأن العرش فوق الماء طافٍ وفوق العرش ربّ العالمينا
وتحمـلـه مـلائكةٌ شـدادٌ ملائكة الإله مـقـربـينـا
فقالت: أما إذ قد قرأت القرآن فقد علمت أنك مكذوب عليك.
وافتقدته ليلةً أخرى فلم تجده على فراشها، فلم تزل تطلبه حتى قدرت عليه في ناحية الدار، فقالت: الآن صدقت ما بلغني فجحدها. فقالت: اقرأ آيات من القرآن، فقال:
وفينا رسول اللّه يتـلـو كـتـابـه كما انشقّ معروفٌ من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقـلـوبـنـا به موقنـات أنّ مـا قـال واقـع
يبيت يجافي جنبـه عـن فـراشـه إذا أثقلت بالمشركين المـضـاجـع
وأعلم علماً ليس بـالـظـنّ أنـنـي إلى اللّه محشورٌ هنـاك فـراجـع
فقالت: آمنت بالله وكذبت ظني. فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ فضحك وقال: هذا لعمري من معاريض الكلام، يغفر الله يابن رواحة خياركم خيركم لنسائكم.
وقال العجاج: أنشدت أبا هريرة:
طاف الخيالان فهاجا سقمـاً خيال سلمى وخيالٌ تكتّـمـا
قامت تريك رهبة أن تصرما ساقاً بخنداةً وكعبـاً أدرمـا
فقال أبو هريرة: قد كان يحدي بها ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكر.
زعم قوم أن إنشاد الشعر ينقض الوضوء
وقيل لابن سيرين: إن قوماً يرون أن إنشاد الشعر ينقض الوضوء؛ فقال:
نبّثت أن فتاةً كـنـت أخـطـبـهـا عرقوبها مثل شهر الصوم في الطّول
ثم قال: الله أكبر ودخل في الصلاة.
وسئل عن ذلك مرة أخرى وقد استفتح الصلاة فأنشد للأعشى:
وتسخـن لـيلة لا يسـتـطـيع نباحاً بها الكـلـب إلاّ هـريرا
وتـبـرد بـرد رداء الـعـرو س بالصيف رقرقت فيه العبيرا
ثم كبر وصلى.
وقال جرير بن حازم: كنت في مسجد الجهاضم فقرضت بيت شعر، فقالوا: ما نراك إلا قد أحدثت فتوضأ، فذعرني قولهم؛ فأتيت ابن سيرين وقد قام إلى الصلاة فقلت: رويدك يا أبا بكر! فقال: مهيم ? فعرفته، فقال: هلا رددت عليهم:
ديارٌ لرملة إذ عيشـنـا بها عيشة الأنعم الأفضل
وإذ ودّها فارغٌ للصـدي ق لم تتغيّر ولم تتبـدّل
كأنّ الثلوج وماء السحـا ب والقرقفيّة بالفلـفـل
وماء القرنفل والزنجبي ل شيب به ثمر السنبـل
يصبّ على برد أنيابهـا قبيل الصباح ولم ينجـل
ثم قال: الله أكبر.
وقيل لابن سيرين: أنشد القذع من الشعر وأصلي ? فقال:
وأنت لو باكرت مشـمـولةً صفراء مثل الفرس الأشقر
رحت وفي رجليك ما فيهما وقد بدا هنك من المـئزر
مساجلة بين ابن الأنباري وابن المعتز
وها هنا مساجلة جرت بين أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري وأبي العباس عبد الله بن المعتز، لها في هذا الموضع موقع وهي طويلة اختصرت منها موضع الحاجة:
كتب ابن الأنباري إليه: جرى في مجلس الأمير ذكر الحسن بن هانىء والشعر الذي قاله في المجون وأنشده وهو يؤم قوماً في صلاة؛ وهو إن لكل ساقطة لاقطة، وإن لكلام القوم رواة، وكل مقول محمول. فكان حق شعر هذا الخليع ألا يتلقاه الناس بألسنتهم؛ ولا يدونونه في كتبهم، ولا يحمله متقدمهم إلى متأخرهم؛ لأن ذوي الأقدار والأسنان يجلون عن روايته، والأحداث يغشون بحفظه، ولا ينشد في المساجد، ولا يتحمل بذكره في المشاهد؛ فإن صنع فيه غناء كان أعظم لبليته؛ لأنه إنما يظهر في غلبة سلطان الهوى، فيهيج الدواعي الدنيئة، ويقوي الخواطر الرديئة؛ والإنسان ضعيف يتنازعه على ضعفه سلطان القوى؛ ونفسه الأمارة بالسوء، والنفس في انصبابها إلى لذاتها بمنزلة كوة منحدرة من رأس رابية إلى قرار فيه نار، إن لم تحبس بزواجر الدين والحياء أداها انحدارها إلى ما فيه هلكتها.
والحسن بن هانىء ومن سلك سبيله من الشعر الذي ذكرناه شطار كشفوا للناس عوارهم، وهتكوا عندهم أسرارهم، وأبدوا لهم مساويهم ومخازيهم، وحسنوا ركوب القبائح.
فعلى كل متدين أن يذم أخبارهم وأفعالهم، وعلى كل متصور أن يستقبح ما استحسنوه، ويتنزه من فعله وحكايته. وقول هذا الخليع: ترك ركوب المعاصي إزراء بعفو الله تعالى حض على المعاصي أن يتقرب إلى الله عز وجل بها تعظيماً للعفو، وكفى بهذا مجوناً وخلعاً داعياً إلى التهمة لقائله في عظم الدين، وأحسن من هذا وأوضح قول أبي العتاهية:
يخاف معاصيه مـن يتـوب فكيف ترى حال من لا يتوب
جواب ابن المعتز
فأجابه ابن المعتز: لم يقل أبو نواس ترك المعاصي إزراء بعفو الله تعالى، وإنما حكى ذلك عن متكلم غيره، والبيت الذي أنشد له بحضرتنا:
لا تحظر العفو إن كنت امرأً حرجاً فإن حظـركـه بـالـدين إزراء
وهذا بيت يجوز للناس جميعاً استحسانه والتمثل به، ولم يؤسس الشعر بانيه على أن يكون المبرز في ميدانه من اقتصر على الصدق ولم يغو بصبوة، ولم يرخص في هفوة، ولم ينطق بكذبة، ولم يغرق في ذم، ولم يتجاوز في مدح، ولم يزور الباطل ويكسبه معارض الحق؛ ولو سلك بالشعر هذا المسلك لكان صاحب لوائه من المتقدمين أمية ابن أبي الصلت الثقفي، وعدي بن زيد العبادي؛ إذ كانا أكثر تذكيراً وتحذيراً ومواعظ في أشعارهما من امرىء القيس والنابغة. فقد قال امرؤ القيس:
سموت إليها بعدما نام أهلـهـا سموّ حباب الماء حالاً على حال
فأصبحت معشوقاً وأصبح بعلها عليه القتام سيّىء الظنّ والبـال
يغطّ غطيط البكر شدّ خنـاقـه ليقتلني والمرء ليس بـقـتّـال
وقال النابغة:
وإذا لمست لمست أخثـم رابـياً متحيّزاً بمكـانـه مـلء الـيد
وإذا طعنت طعنت في مستهدفٍ وابي المجسّة بالعبير مقرمـد
وهل يتناشد الناس أشعار امرىء القيس والأعشى والفرزدق وعمر بن أبي ربيعة وبشار وأبي نواس على تعيهرهم، ومهاجاة جرير والفرزدق إلا على ملأ الناس وفي حلق المساجد ? وهل يروي ذلك إلا العلماء الموثوق بصدقهم. وقد نفى حسان بن ثابت أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فما بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر ذلك عليه في هجائه حيث يقول:
وأنت ربيط نيط فـي آل هـاشـمٍ كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
وقد زعم بعض الرواة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للحارث: أنت من خير أهلي. وما نهى النبي صلى الله عليه وسلم ولا السلف الصالح من الخلفاء المهديين بعده عن إنشاد شعر عاهر ولا فاجر.
ولقد أنشد سعيد بن المسيب وغيره من نظرائه تهاجي جرير وعمر بن لجأ فجعل يقول: أكله أكله. يعني أكله جرير ولم ينكر شيئاً مما سمعه.
رد ابن الأنباري
فأجابه ابن الأنباري: قد صدق سيدنا أيده الله في كل ما قاله من الأشعار التي عدل قائلوها عن سنن المؤمنين المتقين، ولم أكن أجهل أكثر ذلك، إلا أنه لم يخطر ببالي ذكر ما كنت أعرف منه في وقت كتابتي ما كتبت به، وما كل ما يعرف الإنسان يحضره، ولا تتواتى كل وقت خواطره؛ على أن الذي جرى في هذا الأمر إنما هو على سبيل التعلم والتفهم. يذكر الذاكر شيئاً قد تقدم صوابه. فيحتج له، وعليه فيه حجة قد تركها، فيكشف السامع لها غطاءه مستبصراً أو مذكراً، فإن كان الحق ضالته وجد ما ابتغى، وغنم ما وجد، وإن أنف من الرجوع، واشتد عليه النزوع، جحد ما علم، واحتج لما جهل؛ لأن كل مطالب بباطل لا يخلو من جهل بما يدعي، أو جهل بما يعرف، ولم يعقد أعز الله الأمير مجلس لمناظرة في علم يعطى النظر فيه حقه إلا فاز المرء فيه باستفادة صواب كان يجهله، ورجوع عن خطأ كان يعتقده.
ولست أعز الله الأمير بمعصوم، ومن لم يكن معصوماً لم يكن صوابه بمضمون، ولا زلله بمأمون، وعلى حسب ما جرى تعلق قلبي بمعرف ما تضمنته رقعتي هذه من الأمير، فإن كان لامتنانه بتعريفي ذلك في جواب عنها وجيه جرى فيه على عادة طوله وفضله إن شاء الله.
جواب ابن المعتز
فأجابه ابن المعتز: إنما أحببت أعزك الله أن تكون من الإخوان الذين يتجانون ثمر التناصح فيتذاكرون فيتذكرون، ويتدارسون فيفيدون ويستفيدون، ففتحت بيني وبينك هذا الباب آذناً بالولوج علي منه، واثقاً بكمال عقلك في المسارعة إليه، وصنت مودتنا على استحسان مزور، وتعمد الجحد في إقراره، وملق مكاشر يظهر التصديق بلا إنكار. ولا يزال الإخوان يسافرون في المودة حتى يلقوا الثقة فتلقى عصا التسيار، وتطمئن بهم الدار، وتقبل وفود النصائح، وتؤمن خبايا الضمائر، وتلقى ملابس التخلق، وتحل عقد التحفظ، وقد أبعدك الله تعالى من الخطأ لما أشرق نور الصواب، ولم لا وبلى يصطرعان على الحق، وبالتعب وطىء فراش الراحة، وبالبحث تستخرج دفائن العلوم، ولا فرق بين إنسان يقاد وبهيمة تنقاد.
ولولا أن الناس اختلفوا متفرقين لاختلفوا متشاحين، ولما قصدوا بالسكنى إلا بقعةً من الدنيا يتنافسون فيها، ويتفانون عليها؛ وخير الاختلاف ما اجتنب معنى التمادي على الباطل فاهتدي فيه بالتبصير. كما روي أن علياً رضي الله عنه حاج عمر رضي الله عنه في المرأة التي وضعت لستة أشهر، فأراد عمر رجمها فقال له: قد قال الله تعالى: "وَحَمْلُه وفِصَالُه ثلاثون شهراً". فرجع عن ذلك عمر وأمضاه.
وبالتقليد هلك مترفو الكفار القائلون: "إنّا وجَدْنَا آباءنا على أُمَّةٍ وإنَّا على آثارهم مُقْتَدُون". وقال بعضهم: إذا سرك أن تعرف خطأ مؤدبك فجالس غيره. وقال عمر رضي الله عنه: ليس شيء أضر بالمرء من لجاجة في جهل. وإنما كان يكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل والبحث لشفقته على أمته من نزول معترض يثقل عليهم فيما يسألون عنه، ثم كره عمر وعلي رضوان الله عليهما ما كان يجري على سبيل التعنت، ويفارق سبيل التفقه. ولذلك قال علي رضي الله عنه لابن الكوا: سل تفقهاً ولا تسل تعنتاً.
ظرف أهل المدينة
وقال مالك: ما رأيت أشبه بأهل المدينة من ابن سيرين، وأهل المدينة أرق الناس أدباً، وأحلاهم طرباً، وأبرعهم شيماً، وأطبعهم كرماً، ويقال: دل حجازي، وعشق يماني. وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي:
إنّ قلبي بالتـلّ تـلّ عـزازٍ مع ظبي من الظباء الجوازي
شادن لم ير الـعـراق وفـيه مع ظرف العراق دلّ الحجا
وقال أبو تمام:
من شاعرٍ وقف الكلام ببابـه واكتنّ في كنفي ذراه المنطق
قد ثقّفت منه الشآم وسهّـلـت منه الحجاز ورقّقته المشرق
وكان عبد الملك بن الماجشون يقول: لقد كنا بالمدينة وإن الرجل يحدثني بالحديث من الفقه فيمله علي، ويذكر الخبر من الملح فأستعيده فلا يفعل. ويقول: لا أعطيك ملحي، وأهبك ظرفي وأدبي.
وقال ابن الماجشون: إني لأسمع الكلمة المليحة وما لي إلا قميص واحد فأدفعه إلى صاحبها وأستكسي الله عز وجل. وقيل لأبي السائب المخزومي: أترى أحداً لا يتمنى النسيب ? قال: أما من يؤمن بالله واليوم الآخر فلا.
أبو السائب وفكاهاته
وكان أبو السائب كثير الطرب، غزير الأدب، وله فكاهات مذكورة، وأخبار مشهورة. وكان جده يكنى أبا السائب أيضاً، وكان خليطاً للنبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام؛ وأقبل الإسلام فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكره يقول: نعم الخليط كان أبو السائب لا يداري ولا يماري. واسم أبي السائب عبد الله، وكان أشراف المدينة يقدمونه ويعظمونه لشرف منصبه، وحلاوة طربه. قال الزبير بن بكار: كانت سليمة المشاوبية عاشقة لأفلح مولى الزهريين، فأتاها يوماً أبو السائب المخزومي فقال: حدثيني، هل أتاك من حبيبك رسول ? قالت: لا. قال: فهل قلت في ذلك شعراً ? قالت: نعم، ثم أنشدته:
ألا ليت لي نحو الحبيب مبلّغـاً يبلّغه التـسـلـيم ثـمّ يقـول
سليمة نضوٌ ما ترجّى حياتـهـا من الشوق والشوق الشديد قتول
تعالج أحزاناً وتبكـي صـبـابةً وأنت لما تلقاه فـيك جـهـول
فقال أبو السائب: أنا والله رسولك؛ فحفظ الشعر وتوجه نحو أفلح في يوم صائف شديد حره، فلقيه رجل من الأنصار فقال: يا أبا السائب؛ من أين أقبلت ? قال: من عند سليمة المشاوبية. قال: وإلى أين تريد ? قال: أريد أفلح مولى الزهريين أبلغه رسالتها. قال: أفي مثل هذا الوقت ? قال: إليك يابن أخي ? فإن الجنة حفت بالمكاره؛ وما عبد الله إلا بالصبر على ما ترى.
وقال الزبير: حدثني جدي قال: أتاني أبو السائب المخزومي في ليلة بعدما رقد الناس، فأشرفت عليه وقلت: هل من حاجة ? فقال: سهرت فذكرت أخاً لي أستمتع به فلم أجد أحداً سواك، فلو مضيت بنا إلى العقيق فتناشدنا وتحدثنا ? قلت: نعم ! فنزلت فما زال في حديث إلى أن أنشدته في بعض ذلك بيتي العرجي:
باتا بأنعـم لـيلةٍ حـتـى بـدا صبحٌ تلوّح كالأغرّ الأشـقـر
فتلازما عند الفراق صـبـابةً أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر
فقال: أعده، فأعدته فقال: أحسنت والله ! وامرأتي طالق إن نطقت بحرف حتى أرجع إلى بيتي غيره، فمضينا فتلقانا عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب وهو منصرف من ماله يريد المدينة. فقال: كيف أنت يا أبا السائب ? فقال:
فتلازما عند الفراق صـبـابةً أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر
فالتفت إلي، وقال: متى أنكرت عقل صاحبك ? قلت: منذ الليلة، قال: لله أي كهل أصيبت به قريش. ثم مضينا فلقينا محمد بن عمران التيمي قاضي المدينة يريد مالاً له على بغلة، وكان أثقل الناس جسماً، ومعه غلام له على عنقه مخلاة فيها قيد البغلة، فسلم عليه ثم قال: كيف أنت يا أبا السائب ? فقال:
فتلازما عند الفراق صـبـابةً أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر
فالتفت إلي وقال: متى أنكرت عقل صابحك ? قلت: آنفاً؛ فتركني وانصرف، فقلت: أفتدعه هكذا? ما آمن أن يتهور في بعض آبار العقيق، قال: صدقت، يا غلام، هات قيد البغلة، فوضعه في رجله وهو ينشد البيت ويدافع بيده؛ فلما أطال نزل الشيخ عن البغلة وقال: يا غلام، احمله على بغلتي وألحقه بأهله؛ فلما كان بحيث علمت أنه قد فاته أخبرته الخبر فضحك. وقال: قبحك الله ماجناً فضحت شيخاً من قريش وعذبتني وأنا لا أقدر أن أتحرك.
وروى مصعب بن الزبير عن عبد الله، قال: كان عروة بن أذينة نازلاً في دارى بالعقيق فسمعته ينشد لنفسه:
إنّ التي زعمت فؤادك مـلّـهـا خلقت هواك كما خلقت هوىً لها
فيك الذي زعمت بها فكلاكـمـا أبدى لصاحبه الصبابة كـلّـهـا
ولعمرها إن كان حبّك فوقـهـا يوماً وقد ضحيت إذاً لأظلّـهـا
فإذا وجدت لها وساوس سـلـوةٍ شفع الضمير إلى الفؤاد فسلّهـا
بيضاء باكرها النعيم فصاغـهـا بلبـاقةٍ فـأدقّـهـا وأجـلّـهـا
لما عرضت مسلّماً لـي حـاجةً أخشى صعوبتها وأرجو ذلّـهـا
منعت تحيّتها فقلت لصـاحـبـي ما كان أكثرها لنـا وأقـلّـهـا
فدنا وقال لعـلّـهـا مـعـذورةٌ في بعض رقبتها فقلت لعلّـهـا
فأتاني أبو السائب المخزومي فقلت له بعد الترحيب والبشر : ألك حاجة ? قال: نعم ! أبيات لعروة بلغني أنك سمعته ينشدها ? فلما بلغت إلى قوله: فدنا وقال لعلها معذورة، طرب وصاح، وقال: هذا والله الصادق العهد، الدائم الود، لا الذي يقول:
إن كان أهلك يمنعونك رغـبةً عني فأهلي بي أضنّ وأرغب
أوليس لي قربى إذا أقصيتنـي حدبوا عليّ وعندي المستعتب
فلئن دنوت لأدنـونّ بـعـفّةٍ ولئن نأيت لما ورائي أرحب
يأبى وعيشك أن أكون مقصّراً رأيٌ أعيش به وقلب قـلّـب
لقد عدا هذا الأعرابي طوره، وتجاوز قدره، وإني لأرجو أن يغفر الله لصاحب الأبيات الأولى لحسن الظن بها، وطلب العذر لها. فعرضت عليه الطعام فقال: سبحان الله ! أويحسن الظن بمثلي أن يأكل طعاماً بعد سماع هذه الأبيات ? والله ما كنت لأخلط بها طعاماً حتى الليل، وانصرف.
والأبيات التي أنشدها أبو السائب لبعض الهذليين هي من مليح الشعر أولها:
طرقتك زينب والركاب منـاخةٌ بحطيم مكّة والنّدى يتـصـبّـب
بثنيّة العلمين وهـنـاً بـعـدمـا خفق السّماك وعارضته العقرب
وتحية وكـرامة لـخـيالـهـا ومع التحية والكرامة مرحـب
أنى اهتديت ومن هداك ودوننـا حمل فقّلة عاذب فالـمـرقـب
ارتياح أهل المدينة إلى المزاح وانقطاعهم إلى السماع
ولأهل المدينة من الارتياح إلى المزاح، والانقطاع للسماع ما هو مشهور عندهم، مأثور منهم. قال عبد الله بن جعفر: أنا لي عند السماع هزة لو سئلت عندها لأعطيت، ولو قاتلت معها لأبليت.
وقال أبو العيناء: قال الأصمعي: مررت بدار الزبير بالبصرة، فإذا بشيخ من أهل المدينة من ولد الزبير يكنى أبا ريحانة جالس بالباب وعليه شملة تستره؛ فسلمت عليه وجلست إليه؛ فبينا أنا كذلك إذ طلعت علينا سوداء تحمل قربةً، فلما نظر إليها لم يتمالك أن قام إليها وقال لها: غنني صوتاً، فقالت: إن موالي أعجلوني، قال: لا بد من ذلك، قالت: أما والقربة على كتفي فلا، قال: فأنا أحملها: فأخذ القربة منها فحملها واندفعت تغني:
فؤادي أسيرٌ لا يفكّ ومهجتـي تقضّى وأحزاني عليك تطـول
ولي مقلةٌ قرحى لطول اشتياقها إليك وأجفاني عليك هـمـول
فديتك، أعدائي كثيرٌ وشقّـتـي بعيد وأشياعي لـديك قـلـيل
وكنت إذا ما جئت جئت بعـلّة فأفنيت علاّتي فكيف أقـول !
فطرب وصرخ، وضرب بالقربة فشقها؛ وقامت الجارية تبكي، وقالت: ما هذا بجزائي منك، شفعتك في حاجتك، فعرضتني لما أكره من موالي ! فقال: لا تغتمي فالمصيبة علي حصلت، ونزع الشملة، ووضع يداً من قدام ويداً من خلف، وباعها وابتاع لها قربة وقعد بتلك الحال؛ فاجتاز به رجل من ولد علي رضي الله عنه، فعرف حاله فقال: يا أبا ريحانة؛ أحسبك من الذين قال الله عز وجل فيهم: "فما ربحَتْ تجارتهم وما كانوا مهتدين". قال: لا، يابن رسول الله، ولكني من الذين يقول الله لهم: "فبشِّرْ عبادي الذين يستمعون القولَ فيتبعونَ أحسنَه، أولئك الذين هداهم اللّه وأولئك هم أولو الألباب". فضحك وأمر له بألف درهم.
وقال رجل لابن جعدبة: يا أبا الحكم؛ الرجل الذي يشدو بالأصوات ما ترى فيه ? قال: سبحان الله ! كنا إذا أتت على الرجل أربعون سنة لا يحسن عشرة أصوات عددناه من أهل بقيع الغرقد يعني الموتى.
ومر بالأوقص المخزومي وهو قاضي المدينة يتغنى بليل فأشرف عليه، وقال: يا هذا؛ شربت حراماً، وأيقظت نياماً، وغنيت خطأ، خذ عني وأصلح له الغناء.
غناء في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم
وقال أبو العباس محمد بن يزيد المبرد: حدثت أن مدنياً كان يصلي مذ طلعت الشمس إلى أن قارب النهار أن ينتصف، ومن ورائه رجل يتغنى، وهما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا برجل من الشرط قد قبض على الرجل فقال: أترفع عقيرتك بالغناء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فأخذه؛ فانفتل المدني من صلاته، فلم يزل يطلب إليه فيه حتى استنقذه، ثم أقبل عليه فقال: أتدري لم شفعت فيك ? قال: لا، ولكني إخالك رحمتني، قال: إذاً فلا رحمني الله. قال: فأحسبك عرفت قرابةً بيننا. قال: إذاً قطعها الله، قال: فليد تقدمت مني إليك، قال: والله ولا عرفتك قبلها. قال: فأخبرني. قال: سمعتك تغنيت آنفاً فأقمت واوات معبد، أما والله لو أسأت التأدية لكنت أحد الأعوان عليك.
قال: والصوت الذي ينسب إلى واوات معبد شعر الأعشى الذي يعاتب فيه يزيد بن مسهر الشيباني وهو:
هريرة ودّعها وإن لام لائمٌ غداة غدٍ أم أنت للبين واجم
لقد كان في حولٍ ثواء ثويته تقضّى لباناتٌ ويسأم سـائم
ويروى أن معبداً بلغه أن قتيبة بن مسلم فتح خمس مدائن؛ فقال: لقد غنيت بخمسة أصوات هن أشد من فتح المدائن التي فتحها قتيبة. والأصوات قال المبرد: أحدها، للأعشى يعاتب يزيد بن مسهر الشيباني: هريرة ودعها وإن لام لائم. فأنشد البيتين. والثاني: قوله يعاتبه:
ودّع هريرة إنّ الركـب مـرتـحـل وهل تطيق وداعـاً أيهـا الـرّجـل
غيداء فرعاء مصقولٌ عـوارضـهـا تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل
والثالث، للشماخ بن ضرار بن مرة بن غطفان يقوله لعرابة بن أوس:
رأيت عرابة الأوسي ينمـى إلى الخيرات منقطع القرين
إذا ما رايةٌ رفعت لمـجـدٍ تلقّاها عـرابة بـالـيمـين
إذا بلّغتني وحملت رحـلـي عرابة فاشرقي بدم الوتـين
والرابع، لعمر بن أبي ربيعة:
ودّع أمامة قبل أن تتـرحّـلا واسأل فإنّ قليله أن تـسـألا
أمكث لعمرك ساعةً فتأنّـهـا فعسى الذي بخلت به أن يبذلا
لسنا نبالي حين ندرك حـاجةً إن بات أو ظلّ المطيّ معقّلا
قال أبو العباس: والشعر الخامس لا أعرف قائله. قلت: وهو لعروة بن أذينة الليثي:
غرابٌ وظبيٌ أعصب القرن نادباً ببين وصردان العشيّ تـصـيح
لعمري لئن شطّت بعثمة دارهـا لقد كنت من خوف الفراق أليح
وكتب سليمان بن عبد الملك إلى عثمان بن حيان المرى: أحص المخنثين، فوقعت فوق الحاء نقطة فأخذهم وخصاهم وفيهم الدلال؛ فبلغ ذلك ابن أبي عتيق وقد قام إلى الصلاة فقال: أوقد خصي الدلال ? إنا لله ! لقد كان يحسن أن يغني:
لمن طللٌ بذات الجي ش أمسى دارساً خلقا
ثم دخل في الصلاة؛ فلما فرغ من قراءة أم الكتاب قال: السلام عليكم، وكان يحسن خفيف هذا الشعر ولا يحسن ثقيله.
من طرف ابن أبي عتيق
ولابن أبي عتيق عجائب ظريفة، أذكر لك منها ما يصلح ويملح؛ منها أنه سمع وهو بالمدينة قول ابن أبي ربيعة:
فما نلت منها محرماً غير أنّـنـا كلانا من الثوب المطارف لابس
فقال: أبنا يلعب ابن أبي ربيعة ? فأي محرم بقي ? فركب بغلته متوجهاً إلى مكة، ودخل أنصاب الحرم، وقيل له: أحرم ! قال: إن ذا الحاجة لا يحرم. فلقي ابن أبي ربيعة؛ فقال: أما زعمت أنك لم تركب محرماً قط ? قال: بلى ! قال: فما قولك: كلانا من الثوب... البيت ? فقال له: إني أخبرك؛ خرجت بعلة المسجد، وخرجت زينب تريده، فالتقينا فاتعدنا، فصرنا إلى بعض الشعاب، فأخذتنا السماء، فأمرت بمطرفي فسترنا الغلمان لئلا يروا بها بلة فيقولوا لها: هلا استترت بسقائف المسجد ? فقال له ابن أبي عتيق: يا عاهر ! هذا البيت يحتاج إلى حاضنة ? وابن أبي عتيق الذي سمع قول ابن أبي ربيعة:
قال لي صاحبي ليعلم ما بي أتحبّ القتول أخت الرّبـاب
قلت وجدي بها كوجدك بالما ء إذا ما فقدت برد الشراب
أزهقت أُمّ نوفلٍ إذ دعتـهـا مهجتي، ما لقاتلي من متاب
أبرزوها مثل المهاة تهـادى بين خمسٍ كواعبٍ أتـراب
وهي مكنونةٌ تحيّر مـنـهـا في أديم الخدّين ماء الشبـاب
ثم قالوا تحبّها قلـت بـهـراً عدد الرمل والحصى والتراب
من رسولي إلى الثريّا بـأنـي ضقت ذرعاً بهجرها والكتاب
فلما سمع هذا البيت قال: إياي أراد وبي هتف ونوه؛ والله لا ذقت طعاماً أو أشخص إليها وأصلح بينهما.
قال مولى لبني تميم: فنهض ونهضت معه حتى خرج إلى سوق الضمرتين، فأتى قوماً من بني الديل من حنيفة يكرون النجائب، فقال: بكم تكرونني راحلتين إلى مكة ? قالوا: بكذا وكذا، فقلت لبعض التجار: استوضعوا شيئاً؛ فقال ابن أبي عتيق: ويحك ! إن المكاس ليس من أخلاق الناس، ثم ركب واحدة وركبت الأخرى وأجد السير، فقلت: ارفق بنفسك. فقال: ويحك: أبادر حبل الوصل أن يقتضبا وما أملح الدنيا إذا تم الوصل بين عمر والثريا. فقدمنا مكة، وأتى باب الثريا، فقالت: والله ما كنت لنا زواراً. قال: أجل ! ولكني جئت برسالة؛ يقول لك ابن عمك عمر: ضقت ذرعاً بهجرك والكتاب. فلامه عمر. فقال ابن أبي عتيق: إنما رأيتك مبادراً تلتمس رسولاً فخففت في حاجتك، فإنما كان ثوابي أن أشكر.
وسمع ابن أبي عتيق قول العرجي:
وما ليلةٌ عنـدي وإن قـيل لـيلة ولا ليلة الأضحى ولا ليلة الفطر
معادلة الإثنين عندي وبالـحـري يكون سواءً مثلها لـيلة الـقـدر
وما أنس م الأشياء لا أنس قولهـا لخادمها قومي سلي لي عن الوتر
فجاءت تقول الناس في تسع عشرة ولا تعجلي عنه فإنّك فـي أجـر
فقال: هذه أفقه من ابن شهاب، وهي حرة لله عز وجل من مالي إن أجاز أهلها ذلك.
مع الحسن بن علي
وقال له مروان بن الحكم يوماً: إني مشغوف ببغلة للحسن بن علي، قال له: فإن دفعتها إليك أتقضي لي ثلاثين حاجةً ? ومروان يومئذ أمير المدينة، قال: فإذا اجتمع الناس عندك في العشية فإني آخذ في مآثر قريش، فأمسك عن الحسن فلمني على ذلك. فلما أخذوا في مجالسهم أفاض في أولية قريش؛ فقال له مروان: أما تذكر أولية أبي محمد، وله في هذا ما ليس لأحد ? فقال: إنما كنا في ذكر الأشراف ولو كنا في ذكر الأنبياء لقدمنا لأبي محمد. فلما خرج الحسن ليركب البغلة تبعه ابن أبي عتيق: فقال له الحسن وتبسم: ألك حاجة ? قال: نعم ! ذكرت البغلة ? فنزل الحسن ودفعها إليه.
ومن ظريف أخباره أن عثمان بن حيان المري لما دخل المدينة والياً عليها اجتمع إليه الأشراف من قريش والأنصار. فقالوا: إنك لا تعمل عملاً أجدى ولا أولى من تحريم الغناء والرثاء. ففعل وأجلهم ثلاثاً، فقدم ابن أبي عتيق في الليلة الثالثة فحط رحله بباب سلامة الزرقاء، فقال لها: بدأت بك قبل أن أصير إلى منزلي. فقالت: أو ما تدري ما حدث ? وأخبرته الخبر. فقال: أقيمي إلى السحر حتى ألقاه، ولا بأس عليك. ثم مضى إلى عثمان بن حيان فاستأذن عليه، وأخبره أن أجل ما أقدمه حب التسليم عليه، وقال له: من أفضل ما عملت به تحريم الغناء والرثاء. فقال: إن أهلك أشاروا علي بذلك. قال: فإنك قد وفقت، ولكني رسول امرأة إليك تقول: كانت هذه صناعتي فبنت منها، وأنا أسألك أيها الأمير ألا تحول بيني وبين مجاورة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عثمان: إذاً أدعها لك. قال: إذاً لا تدعك الناس. ولكن تدعوها فتنظر إليها فإن كانت ممن يترك تركتها. قال: فادع بها. فأمرها ابن أبي عتيق فتقشفت وأخذت سبحة في يديها، وصارت إليه، فحدثته عن مآثر آبائه، ففكه لها. فقال ابن أبي عتيق: اقرئي للأمير، ففعلت فأعجب بذلك. فقال لها: فاحدي للأمير ففعلت، فأعجب بحدائها. ثم قال لها: غبري للأمير، فجعل يعجب بذلك، فقال له ابن أبي عتيق: فكيف لو سمعتها في صناعاتها؛ فقال: قل لها فلتقل ! فأمرها فغنت:
سددن خصاص الخيم لمّا دخلنه بكلّ بنانٍ واضـحٍ وجـبـين
فنزل عثمان عن سريره حتى جلس بين يديها، ثم قال: والله ما مثلك يخرج عن المدينة. فقال له ابن أبي عتيق: يقول الناس أذن لسلامة في المقام ومنع غيرها ! فقال عثمان: قد أذنت لهم جميعاً.
وابن أبي عتيق: هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، وكان أجل أهل زمانه، وذكر أنه دخل على عائشة وهي لم بها، فقال: كيف أنت يا أماه ? جعلت فداك ! قالت: في الموت، قال: فلا إذاً، إنما ظننت أن في الأمر فسحةً، فضحكت وقالت: ما تدع مزحك بحال !
معاوية يداوي أذنه بالغناء
وقال ابن جريج: كان عبد الله بن جعفر إذا قدم على معاوية أنزله داره وأظهر له من إكرامه وبره ما يستحقه؛ فكان ذلك يغيظ فاختة بنت قرظة بن عبد بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف زوج معاوية، فسمعت ذات ليلة عند عبد الله غناء، فجاءت إلى معاوية فقالت: هلم فاسمع ما في منزل هذا الذي جعلته بين لحمك ودمك، وأنزلته مع حرمك ! قال: فجاء معاوية سمع وانصرف، فلما كان آخر الليل سمع معاوية قراءة عبد الله، فجاء فأيقظ فاختة وقال: اسمعي مكان ما أسمعتني !! ثم إنه أرق ذات ليلة فقال لجريج خادمه: اذهب فانظر من عند عبد الله وأخبره أني في أثرك، فأتاه فأعلمه ذلك، فأقام عبد الله من عنده، ثم دخل معاوية فلم ير في المجلس أحداً، فقال لعبد الله: مجلس من هذا ? قال: مجلس فلان، قال: فمره أن يرجع إليه، ثم قال: مجلس من هذا ? قال: مجلس فلان، قال: فمره أن يرجع إليه؛ فرجعوا حتى لم يبق إلا مجلس واحد، قال: مجلس من هذا ? قال: مجلس واحد يداوي الآذان. قال: مره فليرجع فإن بأذني علةً، فأمر عبد الله بديحاً المليح فخرج؛ فأدناه معاوية منه وأراه أذنه. وقال: أنظر ما ترى فيها ? قال: هي مسدودة وتحتاج إلى فتح وتنقية، قال: شأنك أمكنتك منها، ولا تضع يدك عليها إن كنت غير حاذق بعلاجها. قال عبد الله: يا أمير المؤمنين؛ هو حاذق، ما يعالج في دارنا غيره. فقال معاوية: وشهد شاهد من أهلها، فاندفع يغني من شعر زهير بن أبي سلمى:
أمن أمّ أوفى دمنةٌ لم تكلّم بحومانة الدرّاج فالمتثلّم
فجعل عبد الله بن جعفر يلحظ معاوية وهو يحرك يديه ورجليه، فقال: يعيرك الجهل يا أمير المؤمنين، فقال: إن الجهل مني لعلى بعد يابن جعفر، قبح الله ضيافة يكون الضيف فيها بحيث لا يساعد المضيف على أخلاقه، ثم قال لبديح: لقد فتحت جارحة لا تألم أبداً؛ ثم نهض وخرج.
من طرف بديح
وكان بديح أحلى الناس وأذكاهم، وهو الذي قال له الوليد بن يزيد: يا بديح؛ خذ بنا في الأماني، فإني أغلبك فيها، فقال: يا أمير المؤمنين، أنا أغلبك لأني فقير وأنت خليفة، وإنما يتمنى المرء ما عسى أن يبلغ إليه وأنت قد بلغت الآمال. قال: لا تتمنى شيئاً إلا تمنيت ما هو أكثر منه. قال: فإني أتمنى كفلين من العذاب وأن يلعنني الله لعناً وبيلاً، فقال: اعزب لعنك الله دون خلقه.
ودخل عبد الله بن جعفر على عبد الملك بن مروان وقد اشتى عرق النسا، فقال: يا أمير المؤمنين، إن مولاي بديحاً أحذق الناس برقيته، قال: أتجيئني به ? فجاءه به فرقاً؛ فبات تلك الليلة هادئاً، فلما أصح سأله عبد الله بن جعفر عن حاله، فأخبره بما وجد من العافية؛ ثم قال لبديح: اكتب لنا هذه الرقية لتكون عندنا، قال: لا أفعل، قال: أقسمت عليك لتفعلن، قال اكتب:
ألا إنّ أيامـي وأيامـك الـتــي مضين لنا لم أدر ما ألم الهـجـر
مضين وما شيء مضى لـك عـائدٌ فهل لك فيها إن تولّين مـن عـذر
دعي ما مضى واستقبلي العيش إنني رأيت لذيذ العيش مستقبل العـمـر
فما نازع الدهر امرأً في انقـلابـه فأعتبه إلاّ بقـاصـمة الـظّـهـر
فقال عبد الملك: فأي شيء هذا ? قال: امرأتي طالق إن كنت رقيتك إلا بهذه ! قال: ويحك ! استر علينا، قال: كيف أستر ما سارت به الركبان !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ali195abdalla.yoo7.com
 
جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري ( 2 )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري ( 1 )
» جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري ( 2 )
» جمع الجواهر في الملح والنوادر الحُصري ( 3 )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المنتدي الإخباري الإسلامي :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: